الطهارة معناها: النظافة والنزاهة، وهي في الشرع على نوعين: طهارة معنوية، وطهارة حسية.
أما الطهارة المعنوية: فهي طهارة القلوب من الشرك والبدع في عبادة الله، ومن الغل، والحقد، والحسد، والبغضاء، والكراهية وما أشبه ذلك في معاملة عباد الله الذين لا يستحقون هذا.
أما الطهارة الحسية: فهي طهارة البدن، وهي أيضاً نوعان: إزالة وصف يمنع من الصلاة ونحوها مما يشترط له الطهارة، وإزالة الخبث.
نتكلم أولاً عن الطهارة المعنوية: وهي طهارة القلب من الشرك والبدع، فيما يتعلق بحقوق الله عز وجل، وهذا هو أعظم الطهارتين، ولهذا تنبنى عليه جميع العبادات، فلا تصح أي عبادة من شخص ملوث قلبه بالشرك، ولا تصح أي بدعة يتقرب بها الإنسان إلى الله عز وجل، وهي مما لم يشرعه الله عز وجل، قال الله تعالى: ((وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله)) (1)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) (2)
وعلى هذا فالمشرك بالله شركاً أكبر لا تقبل عبادته، وإن صلى وإن صام وزكى وحج، فمن كان يدعو غير الله عز وجل أو يعبد غير الله، فإن عبادته لله عز وجل غير مقبولة، حتى وإن كان يتعبد الله تعالى عبادة يخلص فيها لله، ما دام قد أشرك بالله شركاً أكبر من جهة أخرى.
أما الطهارة الحسية: فهي كما قلت نوعان: إزالة وصف يمنع من الصلاة ونحوها مما تشترط له الطهارة، وإزالة الخبث.
فأما إزالة الوصف: فهو رفع الحدث الأصغر والأكبر، بغسل الأعضاء الأربعة في الحدث الأصغر، وغسل جميع البدن في الحدث الأكبر؛ إما بالماء لمن قدر عليه، وإما بالتيمم لمن لم يقدر على الماء.
أما النوع الثاني فهو الطهارة من الخبث: أي من النجاسة وهي كل عين أوجب الشرع على العباد أن يتنزهوا منها ويتطهروا منها، كالبول والغائط ونحوهما مما دلت الشريعة على نجاسته، ولهذا قال الفقهاء رحمهم الله: الطهارة إما عن حدث وإما عن خبث، ويدل هذا النوع -أعني الطهارة من الخبث- ما رواه أهل السنن، أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه ذات يوم فخلع نعليه، فخلع الناس نعالهم، فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم سألهم، فقالوا: رأيناك خلعت نعلك فخلعنا نعالنا، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (( إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما قذراً)) (3) يعنى أذى، فهذا هو الكلام على لفظ الطهارة.
--------
(1) التوبة 54
(2) رواه مسلم وأحمد من حديث عائشة
(3) رواه ابو داود وصححه الألباني