أما الطهارة من الحدث فالأصل فيها الماء، ولا طهارة إلا بالماء، سواء كان نقياً أم متغيراً بشيء طاهر، لأن القول الراجح أن الماء إذا تغير بشيء طاهر وهو باق على اسم الماء، أنه لا تزول طهوريته، بل هو طهور، طاهر في نفسه مطهرٌ لغيره.
فإن لم يوجد الماء، أو خيف الضرر باستعماله، فإنه يعدل عنه إلى التيمم بضرب الأرض بالكفين، ثم مسح الوجه بهما، ومسح بعضهما ببعض، هذا بالنسبة للطهارة من الحدث.
أما الطهارة من الخبث، فإن أي مزيل يزيل ذلك الخبث من ماء أو غيره، تحصل به الطهارة، وذلك لأن الطهارة من الخبث، يقصد بها إزالة تلك العين الخبيثة بأي مزيل، فإذا زالت هذه العين الخبيثة بماء، أو بنزين، أو غيره من السائلات أو الجامدات على وجه التمام، فإن هذا يكون تطهيراً لهما، ولهذا نعرف الفرق بين ما يحصل به التطهير في باب الخبث، وبين ما يحصل به التطهير في باب
ما هو البدل عن هذا الأصل الذي هو الماء؟
البدل عن هذا الأصل هو التراب، إذا تعذر استعمال الماء لعدمه أو التضرر باستعماله، فإنه يعدل عن ذلك إلى التراب، أي إلى التيمم كما تقدم، لكن هذا خاص في الطهارة من الحدث، أما الطهارة الخبث فليس فيها تيمم، سواء كانت على البدن، أو على الثوب، أو على البقعة، لأن المقصود من التطهر من الخبث؛ إزالة العين الخبيثة، وليس التعبد فيها شرطا، ولهذا لو زالت هذه العين الخبيثة بغير قصد من الإنسان طَهُرَ المحل. فلو نزل المطر على مكان نجس، أو على ثوب نجس، وزالت النجاسة بما نزل من المطر، فإن المحل يطهر بذلك، وإن كان الإنسان ليس عنده علم بهذا، بخلاف طهارة الحدث، فإنها عبادة يتقرب الإنسان بها إلى الله عز وجل، فلا بد فيها من النية والقصد.
فإذا كان على الإنسان نجاسة وهو لا يستطيع إزالتها فإنه لا يتيمم عنها، بل يصلي بحسب حاله، لكن يخففها ما أمكن بالحك وما أشبه ذلك، وإذا كانت مثلاً في ثوب يمكنه خلعه ويستتر بغيره، وجب عليه أن يخلعه ويستتر بغيره.